الأمم المتحدة: صندوق التبرعات للاستعراض الدوري الشامل ضرورة لتعزيز حقوق الإنسان عالميا

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان

الأمم المتحدة: صندوق التبرعات للاستعراض الدوري الشامل ضرورة لتعزيز حقوق الإنسان عالميا
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

في سياق السعي الحثيث نحو دعم قدرات الدول النامية على الوفاء بالتزاماتها الحقوقية، سلط تقرير أممي جديد الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه صندوق التبرعات الطوعي للاستعراض الدوري الشامل في بناء القدرات وتعزيز التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان، مؤكدًا أن استمرار دعمه يُعد أداة استراتيجية لا غنى عنها لتحقيق العدالة والمساواة على المستوى العالمي.

وجاء تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ضمن أعمال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان، المنعقدة في جنيف حتى 9 يوليو الجاري، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه، حيث أوضح أن الصندوق الذي أُنشئ بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007 يهدف إلى تقديم الدعم الفني والمالي للدول، خاصة تلك التي تواجه تحديات في تنفيذ توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل.

وبحسب التقرير، فقد استفادت 86 دولة حتى الآن من الدعم المباشر الذي يقدمه الصندوق، من خلال أكثر من 140 مشروعًا تم تنفيذها بالتعاون مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني وبرامج الأمم المتحدة الإنمائية، ما أسهم في تحسين البنية التحتية الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وإنشاء آليات وطنية للتنسيق وإعداد التقارير، وتعزيز قدرات المؤسسات القضائية والتعليمية في مجالات الحقوق والحريات الأساسية.

ولفت التقرير إلى أن الصندوق لا يقتصر دوره على تقديم المنح، بل يوفر أيضًا منصة للحوار بين الدول والمنظمات غير الحكومية، ويعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة في تنفيذ التوصيات المنبثقة عن الاستعراضات الدورية.

وأكد التقرير أن الدول الأقل نموا والدول الجزرية الصغيرة هي المستفيد الأكبر من دعم الصندوق، نظرا لما تواجهه من قيود مالية وبنيوية تحد من قدرتها على تنفيذ التزاماتها الحقوقية. وقد ساهم الصندوق، على سبيل المثال، في دعم تطوير الاستراتيجيات الوطنية لحقوق الإنسان في دول مثل توغو، ونيبال، وكمبوديا، إلى جانب دعم خطط العمل الوطنية في مجالات حقوق المرأة، ومكافحة التمييز، وتعزيز التعليم الحقوقي.

ورغم النجاحات المحققة، أشار التقرير إلى أن الصندوق يواجه تحديات تمويلية خطيرة تهدد استمراريته، إذ يعتمد كليا على التبرعات الطوعية من الدول الأعضاء. وفي عام 2024، بلغت الفجوة التمويلية أكثر من 40% مقارنة بالاحتياجات المعلنة، ما اضطر مكتب المفوضية السامية إلى تأجيل عدد من المشاريع ذات الأولوية.

وشدد التقرير على أن التزامات الدول في إطار الاستعراض الدوري الشامل تفقد فعاليتها في غياب الدعم الفني والمالي، ولا سيما في ظل التحديات المتزايدة مثل الأزمات الاقتصادية، وتبعات التغير المناخي، والآثار الممتدة لجائحة كوفيد-19، والتي ضاعفت من الضغوط على الأنظمة الصحية والتعليمية والعدلية في الدول النامية.

ودعت المفوضية في تقريرها، الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى تجديد التزامهم السياسي والمالي تجاه الصندوق، باعتباره ركيزة أساسية لضمان شمولية وفعالية آلية الاستعراض الدوري، وتمكين الدول من تحويل التوصيات إلى إصلاحات ملموسة على أرض الواقع.

وأوصت بضرورة توسيع قاعدة المانحين، وتبني آليات تمويل مبتكرة لضمان استدامة الموارد، وزيادة الشفافية في إدارة المنح، وإشراك المجتمع المدني في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ. وأكد أن مشاركة فعالة من الأطراف غير الحكومية تعزز من مصداقية الآلية وتعكس واقع الحقوق على الأرض.

وطرح التقرير مقترحًا بإنشاء نافذة تمويلية خاصة لدعم المبادرات التي تستهدف الفئات الأكثر تهميشا، مثل الشعوب الأصلية، والأقليات، والأشخاص ذوي الإعاقة، والنساء والفتيات، معتبرا أن العدالة الحقوقية لا تتحقق إلا بضمان وصول الدعم إلى من هم في أمس الحاجة إليه.

واختتم التقرير بتأكيد أن صندوق التبرعات للاستعراض الدوري الشامل ليس مجرد أداة تمويلية، بل هو تعبير عن التزام المجتمع الدولي بمبدأ المسؤولية المشتركة والمتفاوتة في دعم حقوق الإنسان. وشدد على أن إنجاح آلية الاستعراض الدوري يعتمد على سد الفجوة بين الالتزامات والتطبيق، وأن تمويل الصندوق هو المفتاح لتحقيق ذلك.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية